تيم فيريس لا يذهب للصناعية!

21 يناير 2022
مرحبًا،
لندخل في قلب المعركة أنت تعمل عن بعد، لكن لا أحد يُقدر ذلك. *ـ^
ما رأيك في نشر كبسولات مكاتب في الربع الخالي؛ هذا النوع من المكاتب أخذ في الإنتشار بعد جائحة كورونا. وخرجت علينا الكثير من المقالات التي تُبشر بعصر نهاية المكاتب، يروّج أصحاب هذه الفكرة إلى أن التباعد الاجتماعي، تقليل التكلفة على الشركات، ورغبة الموظفين في حرية العمل من أي مكان. ربما هذه العوامل تقتل نموذج المكاتب للأبد.
أعتقد بأننا متفقين على أن المكاتب المفتوحة هي أسهل طريقة للتشتت، لا يمكن أن يعمل أحد في المكاتب المفتوحة، إلا زوكربيرج، و موظفي مكالمات الدعم الفني.
يمكن لهذه الكبسولات المكتبية المُكيفة، والتي تعمل بالطاقة الشمسية، أن تتكيف مع بيئة الربع الخالي الجافة. فيما تتم عملية نقل الموظفين من الرياض إلى الربع الخالي بواسطة هايبرلوب في أقل من 10 دقائق
لماذا تُخرجهم من الرياض إذا كانوا قادرين على العمل في مساحات العمل المشتركة أو المقاهي المنتشرة في الرياض؟
ببساطة حتى يهربون من الضغط الاجتماعي؛
تخيّل معي هذا السيناريو!
أنت أو أنتِ تعمل عن بعد في مكتب المنزل الموجود في غرفة نومك. لديك اجتماع مجدول سيبدأ بعد عشر دقائق. أحد أقربائك موجود في المجلس في الدور الأرضي، في زيارة عائلية عظيمة غير مجدولة مسبقًا، صديقك يدق عليك يحتاج تطلع معه للصناعية، تضع مايك الكمبيوتر على وضع صامت. ثم تفكر في أسرع طريقة لتفويض كل هذه المهام. صديقك لا يستخدم الرسائل النصيّة، طريقتة هي "شبّ في جواله حتى يرد"، بمعنى كرر الإتصال حتى يكره حياته ويرد. هؤلاء نوعية فخمة من المجتمع لديهم عادة مراقبة الواتساب وعند دخولك يحاصرونك بالمحادثات والاتصالات، عزرائيل سيكون سعيدًا بالتعرف عليهم. في أثناء تفكيرك في تفويض هذه المهام، يصلك واتساب من شركة الشحن يطلب فيها المندوب تحديد مكان بيتك حتى يقوم بإيصال الشحنة لك. عادةً يتم تذييل رسالة شركة الشحن بعبارة تهديد تخبرك أن الشحنة سيتم إعادتها للمصدر! عينيك لازالت على اجتماع زووم؛ وأنت تفكر في العرض التقديمي، وطريقة إقناع العميل، وكيف ستبدأ بعرض فكرتك. ثم يصلك تنبيه على "تريلو" موعد تسليم المقال اليوم. بعدها مباشرة يصلك إيميل من أمازون عرض للكتب لمدة ٢٤ ساعة. وفي أثناء هذه المعمعه يتحدث معك زميل على "سلاك" يطلب المساعدة في مسألة متعلقه بالعمل. ويحتاج للرد الآن وفورًا لأنه عالق في اجتماع مع عميل واجابتك تعتبر مفصلية، أنت ستحتاج لمراجعة أرشيف محادثات في الإيميل من أجل الرد والإجابة على سؤاله بشكل دقيق. صديقك اللحوح ما زال يدق عليك، تتذكر أواصر العلاقات العائلية التي قطعتها مجبرًا من أجل العمل، بعدها مباشرة يدق عليك رقم غريب، موظفة الاتصالات السعودية "الوقت مناسب للحديث". لأ عزيزتي الوقت مناسب للإنتحار معك مسدس أطلقي النار عليّ. هذا سيناريو لطيف ربما مرّ عليك ما هو أشد منه، اوووه! تذكر أنك بدأت صباحك بقائمة مهام كنت قد كتبتها ليلة البارحة قبل أن تنام.! علينا أن نتعرف بأننا في مجتمع لا نحترم أوقات الآخرين، لذلك وارد جدًا أن يطب عليك أحدهم في محادثة واتساب ويتوقع منك الرد فورًا. لذلك حتى تتعايش مع مجتمعك، وتعمل وتنتج بشكل رائع، يجب عليك أن تخلق نظام صارم، وهذا ما سأخبرك عنه هنا.! أعتقد أني استمعت لكل بودكاست يتحدث عن العمل أو تحسين الإنتاجية، وقرأت أغلب الكتب التي تتحدث ضبط المهام اليومية، واستخدمت كل تطبيقات المهام والإنتاجية الموجودة في متجر iOS. أنا هنا حتى أقول لك أنها تناسب نوع محدد من البشر، حياتهم رايقة، هم بالضبط الناس الرايقة الذين تغنى فيهم عدوية و رامي عياش. لنتجاوز هذا الفيديو كليب الجميل. ونعود للتدوينة.!المشكلة ليست في التطبيقات والأدوات!
اليوم أنت تستخدم نفس الأجهزة و الأدوات والتطبيقات والمواقع التي يستخدمها المبدعين في العالم، رائد أعمال في السيليكون فالي، وفنان أنمي في اليابان، ومطور تطبيقات مستقل في أوكرانيا، و يوتيوبرز في لندن. جميعكم لديكم نفس الأدوات، سلاك لمحادثات العمل، تريلو لتوزيع ومتابعة المهام، حساب في خدمات جوجل للعمل على المستندات، زووم أو مايكروسوفت تيمز للاجتماعات، وغيرها من الأدوات والتطبيقات. كما تستخدمون نفس الأجهزة آيفون، آيباد، ماك. وتقوم شركة آبل بإرسال التحديثات لكم في الوقت نفسة، حتى أنكم تستخدمون نفس الاكسسوارات وتشترونها من نفس المتجر! ومع كل هذا التوافق والتشابه تجدهم يُنتجون أكثر باستخدام هذه الأدوات، ويتحدثون عن إنتاجيتهم العالية دومًا. لكنك عندما تريد تطبيق نفس قواعدهم في العمل. تفشل، تصطدم ببعض الحواجز، ثم تذهب للصناعية مع صديقك الملقوف : ) قرأت مؤلفات تيم فيريس، و جيمس كلير، و رايان هوليداي، و كال نيوبورت, و مؤلفات أخرى مثل الكتاب العظيم The One Thing، وكل الكتب التي أنتجتها شركة بيسكامب، و غيرها الكثير من الكتب والمقالات، وكشخص مُهتم بزيادة الإنتاجية و أحب عملي، أرغب في الوصول لهذه الدرجة العالية من الإنضباطية والكمال. مهلًا لنسأل سؤال؛ هل يكذبون علينا وينقلون لنا صورة مُحسنة من حياتهم؟، هل يشاركونا الجزء الرائع من حياتهم، لكن لديهم حياة مضطربة فوضوية لا تعلم عنها شيء؟ طبعًا لأ ... عليك أن تدرك بأن محتواهم ليس مخصص لك. لماذا غير مخصص لك؟ لأنه لم يُكتب لك من الأساس، دعني أشرح لك ولي ذلك؛ لا أحد منهم لديه وعي كامل بثقافتك، أو لنقل بطريقة العيش والحياة في الشرق الأوسط، هو يكتب من أجل تحسين الفوضى الموجودة في مجتمعه، والتي تختلف معاييرها ودرجتها عن الفوضى الموجودة في مجتمعك العربي. نعم لكل فوضى درجات، ولكل ثقافة فوضى خاصة بها. لنكن أكثر صراحة مع أنفسنا. نحن في مجتمع لا يحترم الوقت، ولا يُعطي أي تقدير للشخص الذي يعمل، وفي حال كنت تعمل من الإنترنت غالبًا لن يهتم بك أحد بل سيعتبرونك تلهو!، نعم أنت تهلوا ويعتقدون أن لهم كامل الحق في مقاطعتك في أي وقت! هذه المراجعات والكتب والمؤلفات والمقالات، لا تُطبق على مجتمعك العربي. تحتاج إلى فلترة للقيام بذلك، أو بمعنى أدق. كل نصيحة في الإنتاجية والعمل تسمعها من شخص خارج ثقافتك، عادةً هي نصيحة غير مفيدة وتحتاج إلى "إعادة تشكيل ثقافي". إعادة التشكيل الثقافي تستدعي منك أن تُعربها وفق ثقافتك المحلية، قلت (تُعربها ولم أقل تترجمها)،هناك فرق! نفس الأمر يحدث في منظومة ريادة الأعمال، من يكرر مقولات ستيف جوبز صباح مساء، ويعتقد أنها صالحة لمجتمعنا. هو لا يدرك أن هذه النصائح غير مفيدة. قرأت كتاب السيرة الذاتية لسيف جوبز من كتابة العبقري والتر إيزاكسون الذي لم يترك لاشاردة ولا واردة في حياة جوبز إلا وذكرها. كعادته في كل مؤلفاته التي أنصح بقراءتها. و وفق السيرة الذاتية لو أردت تطبيق كل قواعد ستيف جوبز في المجتمع العربي. ستصبح مريض نفسي ولن تجد أحد يعمل معك. بل هناك أحتمال كبير جدًا أن تُجلد حتى تعض الأرض. أيضا من الوارد جدًا أن يتم تصنيفك كمريض نفسي، ويُقال عنك:"فلان نفسية". بمعنى أنه يرفض التواجد في المناسبات الاجتماعية التي يتم خلقها بسبب وبدون سبب. لذلك نصائح جوبز التي تجدها في الشبكات الاجتماعية، هي نصائح مجتزئة من سياقها الصحيح، وستحتاج لمعرفة قصة كل مقولة، بعد ذلك يمكنك تطبيقها أو لا. من أجل ذلك أقول أي نصيحة تتعلق بالعمل تجدها في الثقافة الغربية، يجب عليك أن تُمررها على جهاز الفلترة في مخك، ثم تقوم بمعالجتها وفق عادات مجتمعك، ثم تعمل على تحسينها وإعادة تعريفها لقواعد مجتمعك، بعد ذلك تطبقها بحذر، ثم تُعيد تحسينها مع الوقت حتى تصل إلى الصورة النهائية. القابلة للتطبيق في ظل هذه الأجواء المفعمة بالتشتت والفوضى. على ذكر المناسبات الاجتماعية؛ بدأ نوع جديد من المناسبات في السعودية ناتج عن "الرغبة في الظهور"، مناسبة افتتاح مجلس. نعم هذه هي المناسبة التي عليك أن تعطل جدول حياتك من أجل حضورها. يستفيد منها قطاع إعلامي كامل، يشتمل على قنوات فضائية، مشاهير، حسابات سناب شات متخصصة، وفي هذا الجانب قرأت كل مؤلفات العقل الإداري العظيم غازي القصيبي رحمة الله، ماعدا مؤلفاته في الشعر، وهنا استذكر قوله في حضور المناسبات الاجتماعية:"لو قمت بتلبية كل الدعوات التي تصلني لم أستطع ممارسة القراءة والكتابة والتأليف". تخيّل أن هذه الغزارة في الروايات والكتب الفكرية كُنا سنحرم منها فقط لأنه أراد حضور مناسبة هامشية! تعايش مع مجتمعك … ضع مهمة "مشوار الصناعية" ضمن مهّام العمل الكبرى. "آدام سميث يصيح في الزاوية"، عليك قراءة نظرية تقسيم العمل في كتاب ثروة الأمم"، أبحث خلف نظرية تقسيم العمل لماذا أطلقها آدم سميث. ثم جاء بعد ذلك هنري فورد وطبقها وكانت من أهم النظريات التي جعلته، "يكح فلوس". ما الحل برأيك، يعني هل أتوقف عن تطوير نفسي، لأني فقط فشلت في تنظيم جدول يومي، أو لأن المجتمع لا يساعدني على ذلك.؟! لأ؛ لا تصير نفسية .. لكن طوّر عادات عمل تناسب مجتمعك. كمثال عندما كنت مستقل، فريلانسر كنت أضع "مقاضي العائلة" على رأس مهاّم العمل التي تُنجز أولًا. بمعنى ضبطهم حتى لا يخربون جدولك. الآن بعد ما أنتقلت للعمل عن بعد، بدوام ثابت، أصبحت أعتمد على تطبيقات التوصيل، هل تعلّم أنها أفضل استثمار في "شراء المزيد من الوقت"، نعم أشتر المزيد من الوقت، وقت الإنتظار في المطاعم، الخروج في طقسنا السيء، وقت زحمة السير. وقت صناعة المشاكل وإتلاف الأعصاب مع السائقين الآخرين في الطريق. ملاحظة: إذا كانت ميزانيتك محدودة لا تعتمد عليها، لأنها حرفيًا تُعادل راتب شهري. لكن إذا كنت مقتدر ماديًا. فعلًا هي استثمار في صحتك، لأنها تُبعد عنك الضغط النفسي من زحمة السير، الإنتظار، والأهم جدولك يبقى مرتب. بالمناسبة كل تطبيقات التوصيل لدينا محملة بكوارث في قابلية الاستخدام، وهذه قضية يمكن الحديث عنها تفصيلًا في تدوينة أخرى. هناك حلول أخرى للتخلص من المشتتات، مثل نقل مكان عملك إلى الربع الخالي.!لا تقتل المُشتتات؛ أسكن في الربع الخالي!
الربع الخالي، هو مساحة شاسعة من السعودية تفوق مساحة 14 دولة أوروبية، وهي غير قابلة للعيش، بحكم الضروف المناخية القاسية لكن يمكنك التعّود على نمط الحياة هناك في حال تحوّلت إلى ضب. ولأن عملية تحويلك من إنسان إلى ضب، غير قابلة للتحقق حاليًا، دعنا نطرح خيارًا آخر.
- ألو: السلام عليكم، أنا موجود في الصناعية .. احتاجك الآن.
- هلا والله؛ أنا موجود في الربع الخالي، مقدر أجيك.

سفر عياد
- نشرة بريدية كل خميسمدونة شخصية و نشرة بريدية ، تدور حول «التقنية، الاقتصاد الرقمي، والمحتوى»