يوم طبيعي لصانع المحتوى

إتقان صناعة المحتوى يبدأ  إتقان الروتين
إتقان صناعة المحتوى يبدأ إتقان الروتين

مرحبًا،
أعود مرة أخرى لحياة المستقلين. لكن هذه المرة مع نصائح لضمان طريقة عيش مريحة في حال كنت مستقلاً أو موظفًا تعمل في المجال الإبداعي.

وعندما أقول المجال الإبداعي، أعني المحتوى الذي يعتمد على الابتكار والإبداع كمصدر رئيسي، من خلال تحويل الأفكار الإبداعية إلى منتجات أو خدمات أو أعمال ذات تأثير اقتصادي وثقافي واجتماعي، مثل مجالات الإعلان والتسويق والكتابة الإبداعية والتصميم والإعلام والنشر والصحافة الرقمية والفنون الرقمية والإنتاج الصوتي وصناعة الأفلام، وغيرها من المجالات الإبداعية.

إذا كنت تعمل في أحدها، فتأكد أن يومك سيكون مُستنزَفاً بالكامل، لكن المقابل لذلك ستكون حياتك مُثرية جداً. وهنا التحدي: هل تريد حياة مُثرية أم رتيبة بطيئة؟ الحياة البطيئة نعمة بالتأكيد يطلبها كل من يعمل في هذا القطاع. أما إذا أردت أن توازن ما بين "العمل والاستنزاف" و"حياتك"، فأنت في الطريق الخاطئ تماماً، لأنه ليس هناك توازن بين خطين لا يلتقيان أبداً. إذا قلت "نعم" للعمل، فأنت في الجانب الآخر تقول "لا" لأشياء كثيرة في حياتك الاجتماعية: لا لشريكة حياتك، لا لجمعة أصدقائك، لا لحديث قصير مع إخوتك، لا لوجبة طعام مع عائلتك. لاءات كثيرة في حياتك سوف تنشأ بسبب "نعم" للعمل.

لا أقوم بتنفيرك من هذا القطاع، لكني أشرح لكم بصدق ماذا سوف تواجهون. في غالب الأحيان، عائلتك لن تعطي وظيفتك تقييماً عالياً جداً، لأنها لا تفهم ماذا تقوم به بالضبط، ولا تعرف طبيعة عملك. حتى لو كان دخلك يتخطى الـ 50,000 ريال شهرياً، سيعتبرونك تلهو على الإنترنت. ودائماً هناك دعوات صادقة من الأمهات في أن يحصل أبناؤهن العاملون في القطاع الإبداعي على وظائف "حقيقية". نعم، هذا يحصل لي ولأغلب أصدقائي.

قواعد العمل

لا أريد أن أكون قاسياً عليك، لكن عليك أن تعرف بأن صناعة المحتوى هي عملية تستنزف كل وقتك. من أجل ألا يتم استنزافك بالكامل، هذه التدوينة لك. حاول أن تطبق هذه القواعد

1. اصنع روتيناً الروتين مفيد لحياتك بشكل عام، و لوظيفتك الإبداعية بشكل خاص. إذا كان لديك روتين، معنى ذلك أنك تحصل على أوقات مخصصة لكل شيء، و لهواياتك الأخرى، لأن عملك سوف يلتهم هواياتك الأخرى.

2. فوِّض مع المستقلين لا تعمل كل شيء بنفسك. حاول أن تكون أنت "العقل المدبر ومركز العمليات". لا تغرق في التفاصيل كثيراً. اعملها أول مرة بشكل متقن، ثم درب أحد المستقلين على هذه العملية. بعد ذلك اخرج تماماً من هذه التفاصيل الصغيرة في العمل، لأنها أكبر عائق لعقلك الذي يحاول أن يتفرغ للتفكير والتحليل والاستراتيجية والرؤية. سيأتي قوم يقولون لك: "إذا سلَّمت المهام التفصيلية للمستقلين سوف نفقد الجودة". هم مخطئون. يا عزيزي، إذا انغمست في المهام التفصيلية لن تنجز أي شيء ولن تتطور. اجعل قوتك في المهام العليا، مثل همتك وهامتك، دائماً عليا.

3. استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي "بشراهة" إذا لم تجد مستقلين أكفاء، اعتمد بشكل كامل على تطبيقات الذكاء الاصطناعي. في مجال العمل ستجد أن كل مهمة روتينية أو غير روتينية لها أداة ذكاء اصطناعي تقوم بها نيابةً عنك. أنت هنا تفرغ نفسك وطاقتك للأمور الأصعب في العمل. راجع كل المهام المعتادة التي تقوم بها في المشاريع، ثم ابحث عن أدوات تقوم بها. تعلم هذه الأدوات. الآن سوف تكون الأمور أبسط وأسرع وأسهل.

4. قسِّم المهام كل مشروع يجب أن يتم تقسيمه إلى مهام. في دورة حياة أي مشروع هناك مهام تكرارية تفعلها كل مرة مع كل مشروع جديد. إذا استطعت أن تضع لها نموذجاً مكتوباً ومؤرشفاً لديك، استطعت أن تنجز الكثير و"تدخل على الثقيل" فوراً. المشروع في الأساس يمر بخمس مراحل: مرحلة البدء، مرحلة التخطيط، مرحلة التنفيذ، مرحلة الرقابة والتحكم، ومرحلة الإغلاق. في كل مرحلة من مراحل المشروع، يجب أن تخلق نموذجاً واضحاً ومحدداً لتقسيم المهام إلى مهام أصغر قابلة للإدارة بشكل منفرد. هذه المهام ستكون شيئاً لذيذاً تنجزه بسرعة وتكمل متابعة الإنجاز اليومية والأسبوعية والشهرية حتى تغلق مشاريعك بكل سهولة.

5. لا تقلق، "القطاع مليء بالمجانين" عندما تعمل في القطاع ستجد تعاملات مثل: أساليب أطفال في المفاوضات، عدم التزام بالكلمة، تجاهل لبعض الأعراف والآداب، عدم التقيد ببنود العقد، تأخر في المدفوعات، بنود غير واضحة في التعاقد الغرض منها الالتفاف عليك في نهاية المشروع، مراهقين لأول مرة يعملون في مشاريع. حاول أن تكبِّر عقلك، وعامل الناس بأخلاقك وليس بأخلاقهم. لا تستنزف وقتك في الصراعات، وبنفس الوقت كن واضحاً ولا تدع أحداً يغشك. "لا تصبح طيباً بزيادة".

6. امشِ أو مارس الرياضة إذا وجدت وقتاً للنادي، فهذا شيء رائع جداً. إذا لم تجد وقتاً، حاول أن تمشي كثيراً. المشي الطويل علاج رائع جداً؛ يساعد على تصفية الذهن والنوم العميق ويجلب الأفكار الرائعة. إذا عملت بشكل مجنون ولم تجد حلاً لإحدى المشكلات، أغلق جهازك، وتعوذ من إبليس واخرج من المكتب وامشِ. هذه المشية القصيرة سوف تصلح كل شيء.

7. اعمل بذكاء وليس بجهد لو طبقت النقاط السابقة سوف تنجح في هذه المعادلة. حاول دوماً أن تستخدم التفويض.

8. اخلق "قوالب" لكل شيء في حياتك العملية اعتمد على تطبيقات محددة في العمل، تعلمها بشكل جيد، ثم جهز قوالب عمل لكل مهام المشروع. هكذا تستطيع أن تبني مشاريع كثيرة في وقت قصير.

9. فلتر وركز... الخيارات كثيرة اليوم في حياتنا الرقمية نحن محاطون بكثرة الخيارات، لذا أهم قاعدة يجب أن تعمل بها هي التركيز في كل شيء: مصادر محددة للأخبار في مجال عملك، وقت أقل للشبكات الاجتماعية، عدم مبالاة بالترند المحلي أو العالمي، وغيرها من قواعد التركيز التي تخلق لك وقتاً مضاعفاً يمكنك استثماره في القراءة أو التعلم أو النوم... أو حتى "الاستلقاء على كنبة الصالة دون القيام بأي عمل".

10. استثمر في النوم العميق النوم العميق هو أهم مهارات العمل في عصرنا الحالي. نعم، ما قرأته صحيح وأنا مؤمن به تماماً. إن النوم لمدة ثماني ساعات سيجعل منك إنساناً منتجاً متزناً ذا مزاج عالٍ وذهن صافٍ وتفكير منظم.

11. اقرأ بكثرة القراءة طقس يومي مهم لأسباب كثيرة لا داعي لذكرها.

لا تقطع السلسلة!

الإرهاق الذهني هو شيء أساسي في عملنا. دائماً أقول لكل الأصدقاء: "أستطيع أن أعمل ثماني ساعات في تكسير جبل مستخدماً فأساً ضخماً، لكن لا أستطيع أن أعمل لثماني ساعات متواصلة في مشروع يتطلب تفكيراً ذهنياً متواصلاً". وهذا ليس عيباً في، لكنه شيء طبيعي في البشر.

نحن نستطيع التركيز لفترات قليلة جداً، وكبشر فقدنا تركيزنا بسبب الشبكات الاجتماعية. لذلك المبدعون الذين يعملون في المجال الإبداعي يواجهون تحديات كثيرة جداً. لذلك يا عزيزي، أثناء الكتابة كلما شعرت بألم في رأسك وفقدت تركيزك، أغلق مستند الكتابة، وخذ جولة مشي طويلة، أو اشرب كوب قهوة، أو شاهد محتوى تافهاً. المهم لا تُطِل.

ثم أن صانع المحتوى غالباً لن يجد الوقت للاستمتاع بالمحتوى. كيف ذلك؟ أعني أن وقته كله سيكون مُفرَّغاً للـ "البحث، والكتابة، وإعادة الكتابة، واللحاق بمواعيد التسليم النهائية، والتواصل بشكل كامل مع بقية فريق إنتاج المحتوى"، وهي عمليات مُجهِدة في التفكير، وتشغل كل وقتك. من أجل ذلك حاول تطبيق القواعد السابقة من أجل خلق وقت إضافي.

أنا كائن بشري مثلي مثلك، تمر بي أيام سيئة جداً ويتعكر مزاجي وأتعرض للمرض ويضطرب نومي، ويتم إفساد كل هذا الروتين بالكامل ولا أستطيع الانضباط فيه. لكنني أعمل بقاعدة "لا تقطع السلسلة"، وإذا أهملت الروتين ليوماً أو يومين أو أسبوعاً كاملاً، أعود بسرعة للروتين.

في كتاب "العادات الذرية" لجيمس كلير، ذكر أهمية هذه النقطة: "العودة بسرعة للروتين، لا تقلق ولا تلوم نفسك". كسر الروتين شيء طبيعي، أنت لست خارقاً للعادة. لكن على الأقل من أيام السنة الـ 365، إذا كنت ملتزماً بروتين لمدة 300 يوم أو حتى 100 يوم، فهذا شيء عظيم جداً له أثر على حياتك الاجتماعية والمهنية، بل وحتى النفسية.

طيب، بما أن "اضطراب الروتين" حدث عارض، لماذا أصنع روتيناً من الأساس؟ حسب الدراسات، يُقال إن وضعك لروتين هو مريح لدماغك، لأنك تبدأ يومك وتعرف ماذا تريد أن تفعل بالضبط.

هيا أنطلق!

سفر عياد
سفر عياد
- نشرة بريدية كل خميس

مدونة شخصية و نشرة بريدية ، تدور حول «التقنية، الاقتصاد الرقمي، والمحتوى»