كيف ينجح استثمارك في المحتوى؟


كثيره هي مشاريع المحتوى العربي، وهذا شيء رائع جدًا. نسمع عن منتجات كثيرة في المحتوى، إلا أنك بعد فترة تجد أن البودكاست توقف، ولم يعد هناك عدد جديد من النشرة البريدية، والمدونة أُغلقت، والصحيفة الإلكترونية لا تعمل، والحساب على تويتر لم يغرد من مدة طويلة، وقناة يوتيوب لم تنشر أيّ فيديو منذ مدة طويلة. فجأة دون مقدمات أو تفسير مشاريع المحتوى تتوقف!
حتى لا يكون مشروعك هو التالي في التوقف، هذه نصائح وقواعد راسخة في صناعة المحتوى «عن تجارب عديدة وليست تنظير».
كل هذه النصائح تندرج ضمن «الرؤية والعقيدة» التي ستحملها معك طيلة بناء مشروعك!
الاستمرارية
أول سر في صناعة المحتوى، هو استمرارية النشر رغم عدم وجود أيّ تفاعل أو في قلة التفاعل، أعلم أنه شيء مُحبط لأيّ صانع محتوى. لكن هذه هي البدايات تستنزفك كثيرًا قبل أن تقطف ثمار نجاحك. كثير من مشاريع المحتوى تخرج من السوق لأن القائمين على المشروع «فشلوا في الاستمراية». والاستمرارية يا صديقي نابعه من الصبر. لذلك من صبر ظفر.
التخصص الدقيق
أترك عنك العموميات وركز على تخصص دقيق في المحتوى غير مخدوم بشكل واضح كمثال «لا تتحدث عن الاقتصاد عمومًا، لكن تحدث عن القطاع اللوجيستي»، تخصصك في هذا القطاع سيجلب المهتمين، والمعلنين وكل القُراء الذين يتقاطع عملهم مع محتواك. الشرط هنا لا تنسى القاعدة رقم واحد الاستمرارية. تفشل كثير من المشاريع لأنها أرادت أن تخدم الجميع وتشعبت منذ يومها الأول!
فريق عمل صغير جدًا
جزء كبير من صناعة المحتوى سيعتمد عليك، أنت من يملك الفكرة ويرغب في تطبيقها بأسلوب وقواعد محددة، هذا الأسلوب والقواعد يُسمى «ثقافة المنظمة»، وهذه الثقافة تتغذى على أفكارك، لذلك يجب أن تستثمر وقت طويل جدًا في خلق هذه الثقافة وتعليمها «لفريق صغير»، هذا الفريق عندما يكبر المشروع سوف يوظف موظفين آخرين، لا يعرفون أيّ شيء ثقافة عملك، هل ستقوم بتعليم كل موظف جديد ثقافة العمل؟ بالطبع لأ لأنك استثمرت وقت طويل في تدريب فريقك الصغير. «خمسة موظفين في فريقك الصغير» هم نواة الثقافة التي سوف تُعلّم المئة موظف القادم.
من يتجاهلون أهمية ثقافة المنظمة يخرجون من السوق، و غالبًا يقعون في معضلة «التوظيف والفصل السريع» ويرددون عبارة السوق مافيه مواهب. قد أتفق معهم على أن السوق يعاني من «قلة مواهب» لكن هم لا يدركون أن «الثقافة أهم من الاستراتيجية»
التركيز على منتج واحد
القطاع الذي تستهدفه بمحتواك غالبًا سيكون «قطاع فارغ من المنافسين» أو هناك اثنين أو ثلاثة من المنافسين. أفهم جيّدًا بأنك تريد السيطرة على السوق وتلبية كل رغبات الجمهور، لذلك تحاول إطلاق كثير من المنتجات في البداية، والتواجد على كافة الشبكات الاجتماعية. قد يكون هذا تصرف طبيعي من أيّ مستثمر في المحتوى يعتقد أنه سوف يفوز. إلا أن التجربة علمتني أن هذه طريقة خاطئة جدًا. «سوف ترهقك، تُشتتك، تستنزفك» ثم تغلق مشروعك وتخرج من السوق.
ركز على منتج واحد، قدمه بأفضل صورة ممكنة، ضع لمستك الخاصة في المشروع حتى تتلافى التقليد والنسخ. ويكون من الصعوبة تقليدك من المنافسين. بعد نضج تجربتك وأكتشاف السوق بشكل جيّد، يمكنك التوسع في منتج آخر. وهكذا تتوالى المنتجات خلال فترات طويلة. «المنتجات اللاحقة ستخرج أفكارها بعد نضوج تجربتك في السوق، تمهّل قليلًا وركز»
كن لطيفًا مع الجميع
في بداية مشروعك، لا تخلق أعداء. أنت لست في مرحلة حرب، إنما مرحلتك الحالية هي كسب ود الجميع قدر الإمكان، نعم قدر تنشر بعض المحتوى الذي لا يعجبك لكنك لا تريد إغضاب الجميع. «قلت محتوى لا يعجبك ولم أقل ضد ثقافة المنظمة»، كونك لطيفًا مع الجميع أحرص أن لطافتك لا تتعارض مع الثقافة التي تريد خلقها.
تخرج كثير من المشاريع من السوق لأنها انحازت لآراء متطرفة منذ البداية أو غالت في الإنحياز لأفكار أو قواعد جعلتها تخسر القبول من الجمهور. وتم تصنيفها منذ البداية في قالب محدد لم تستطع الخروج منه.
هنا لدينا استثناء في هذه القاعدة؛ إذا كان السوق الذي تستهدفه ناضج بما فيه الكفاية وفيه لاعبين كبار وصنّاع سوق. هنا يمكنك أن تدخل بكل إنحياز وتكسب الفئة التي ليس لديها تمثيل. «وهي فرصة رائعة للإنتشار بسرعة»
لا ترفع شعارات «دعم المحتوى»
غالبًا من يرفع شعارات لا يحضى بقبول واسع، لا تقل أنك أتيت لسد فجوة المحتوى، لأن الجميع يعلم أن المحتوى العربي يعاني من فجوات. لا تبدأ بشعارات. ركز في نشر محتواك فقط. خرجت كثير من المشاريع لأنها رفعت شعار «دعم المحتوى العربي»
استثمر في الأصالة «محتوى أصيل خاص بك»
الأصالة أعني بها محتوى قيّم «غير مترجم و ليس إعادة تلخيص لمحتوى منشور» محتوى من صناعتك أنت يعبّر عن ثقافتك التي تريد خلقها. أعلم تمامًا أن دخولك لمجال المحتوى رغبةً منك في خلق شيء جديد وتغيير السوق. لذلك لا تقع في الخطأ التقليدي وتبدأ مع محتوى هزيل. أنت قائد للسوق عرّف عن نفسك هكذا وأنطلق.
أعلم أنها من أصعب القواعد وتتطلب منك الاستثمار في صياغة وكتابة وإعادة كتابة حتى تصل إلى نسختك الأفضل. هذا هو لب المشروع فأعطه وقت طويل من العمل. أعلم أنك ستقول أن المحتوى الذي استثمر فيه لا يوجد له مثيل باللغة العربية، وكل المنشور باللغة الإنجليزية وأنا مضطر للترجمة. «هنا استثناء لكن حاول أن تدمج الثقافة المحلية»
خرجت كثير من المشاريع من السوق لأنها قدمت محتوى «مترجم أو مُعاد تلخيصة» أو كررت نُسخ سابقة من مشاريع فاشلة. ولم تقدم أيّ شيء جديد للجمهور.
لا تحارب «لصوص المحتوى»؛ أعقد معهم شراكة!
هل تعلّم أن محتواك القيّم الذي صرفت عليه وقتك ومالك، سوف يتم نسخه بالكامل وتحويلة إلى «ثرد تويتر أو سوالف على سناب شات أو منشور على لينكدإن» أو بأيّ طرق أخرى من النسخ. أؤكد لك ذلك. إذا حدث ذلك -وهو سوف يحدث فعلًا- لا تتورط في أيّ خلافات مع هؤلاء اللصوص، ولا تطالبهم بحفظ الحقوق « لايوجد لص محتوى سوف يلتزم بالحقوق الفكرية بعد النشر» حتى اللصوص لديهم قواعد يا صديقي!
كل ما عليك فعله هو الحديث بشكل وديّ مع اللص «في الخاص» أرسل له رسالة شخصية، أشكره على نشر المحتوى. «نعم لصوص المحتوى يتابعهم عدد هائل من الجمهور» هؤلاء الجمهور لا يعرفونك لأن « اللص أقوى من علامتك التجارية» … غالبًا سوف يعتذر لك في الخاص وليس في العام «حتى اللصوص لديهم أعراف ياصديقي». لا تطلب منه حذف المحتوى أو تعديلة و إرفاق المصدر. فقط رسالة شكر.
اللص في هذه الحالة إما سيتوقف عن نشر محتواك وهذا لن يضرك، وربما ينشر في المرة القادمة ويذكرك كمصدر وهذا تسويق مجاني نجح بفضل دبلوماسيتك.
كثير من المشاريع خرجت من السوق لأنها استنزفت وقتها في ملاحقة لصوص المحتوى، «مع الأسف لن يتعاطف معك الجمهور، وسوف يقفون في جانب اللص ويقولون أنه ساهم في نشر محتواكم»، نعم هذه العقلية موجودة وبكثرة في السوق. وهي عقلية «لم تستثمر ولم تنتج المحتوى» ولا تعرف ألم سرقة المحتوى بعد ساعات من الاستنزاف الفكري في الإنتاج.
أخلق مجتمع من المؤمنين بمشروعك
أكبر حافز لك على الاستمرارية في المحتوى هم الجمهور وهنا اسميهم «الأتباع، الموالين، المؤمنين بك وبمشروعك» هؤلاء الذين يصرفون وقتهم في استهلاك ونشر محتواك والتبشير بأفكارك. ربما تأتي أفكار تطوير المنتج من هؤلاء، كما أن توسعك اللاحق في المشروع و إطلاق منتجات جديدة تأتي منهم أيضا. كما أنهم خامات جاهزة للتوظيف. «يعرفون ثقافتك، مؤمنين بك، تجمعكم نفس الاهتمامات والرغبات»
خرجت كثير من المشاريع من السوق لأنها تجاهلت «بناء مجتمع الموالين والمحافظة عليه وتنميته»
محتوى مجاني، متاح للعموم، بدون قيود.
القيّود تنفر المستخدمين، يا صديقي الإنترنت بحر من الخيارات اللانهائية من أنت حتى تبدأ مشروعك بقوانين وقيود تحد من حرية المستخدمين. ركز على تقديم محتوى مجاني وقيّم أنت في مرحلة «التعريف وكسب الولاء»، عليك أن تقدم «قائمة طعام شهية جدًا» أجعلهم فقط يتلذذون ويدمنون محتواك أخلق العادة لديهم. أجعلهم يعتادون عليك لحد الإدمان.
خرجت كثير من المشاريع من السوق لأنها وضعت قيود «المحتوى المدفوع، قوانين للمشاركة في المحتوى والتعليق» وهكذا قيّدت الجمهور منذ البداية.
ابن مدينتك بشكل كامل وساعد الناس حتى تستوطن وتألف المكان، بعد ذلك يمكنك أن تضع قوانين لمن يستحق السكن وتطرد من لا يستحق!
استثمار طويل الأجل
المحتوى هو استثمار طويل الأجل، ستأخذ فترة طويلة حتى تكون صديق لمحركات البحث، وفترة أطول حتى تكون معروف، وفترة أطول وأطول حتى تكسب ثقة المستثمرين والمعلنين. خرجت كثير من المشاريع لأن المؤسس ظن أن المعلنين سيغرقون بريده الإلكتروني بالرسائل بعد ستة أشهر. :)
إكسر قواعدك
إذا لم تكن مرن وتكسر قواعدك وتتخلص من القواعد التي انتهت صالحيتها، سوف تخرج من السوق مبكرًا. الآن وجب عليك أن تتخلى عن بعض القواعد السابقة وتكسرها وهذه هي المرحلة الثانية من التطوّر الطبيعي في مشروعك، وغالبًا تأتي بعد سنة أو سنتين. عضلاتك أصبحت أقوى، وعليه تحتاج إلى قواعد تناسب عمرك في السوق.
سوف نكسر القواعد التالية: «4, 5, 8, 9, 10»
لا تركز على منتج واحد، أنت الآن في مرحلة النضوج والتوسع أنطلق لكن بالتدريج.
لا تكن لطيفًا مع الجميع؛ كن شريرًا وكشّر عن أنيابك الآن صنعت سمعة في السوق وأصبحت معروفًا للجميع. غيّر قواعد السوق وتبنّ وجهات النظر التي تعجبك، والتي لا تعجبك أنقدها بصوتٍ عال.
حارب لصوص المحتوى و أرفع عليهم قضايا وطاردهم في كل مكان. حافظ على استثمارك هؤلاء الكسالى يُفسدون السوق.
المؤمنين بمشروعك ليس لديهم الوعي الكافي لفهم الاستثمار في المحتوى، تجاهل آرائهم و أفرض عليهم قواعدك. أنت رائد أعمال يجب أن تكون عنيد عندما يتعلق الأمر بآراء المستخدمين الحالمين مقارنة مع رؤيتك المبنية على حقائق وأرقام..
ضع قيود على المحتوى، أجعله محتوى مدفوع، أو غيّر قواعد المشاركة والتعليق أو أخلق أيّ تغيير يضبط محتواك ويتوافق مع الثقافة التي خلقتها. «تجاهل صيّحات الجمهور» هؤلاء مجموعة مدمنين مستهلكين للمحتوى لن يجدوا بديلًا عنك.

مدونة شخصية و نشرة بريدية ، تدور حول «التقنية، الاقتصاد الرقمي، والمحتوى»